البلديّة وتنمية السياحة البديلة

البلديّة وتنمية السياحة البديلة

انعقدت يوم الأربعاء 2 مارس 2022، ندوة دراسيّة عبر المحادثة المرئية عن بعد، حول “البلديّة وتنمية السياحة البديلة” موجهة إلى أعضاء المجالس البلدية وإطاراتها المعنية، نظّمها مركز التكوين ودعم اللامركزية بالتعاون مع المعهد العالي للدراسات السياحيّة بجامعة قرطاج.
وتهدف هذه الندوة، وفق ما بيّنه السيّد رياض بن الشيخ مدير وحدة الدّراسات والبحوث بالمركز، إلى تدارس الإشكاليّات والرهانات المطروحة إزاء السياحة البديلة، التي تمثل رافدا للقطاع السياحي ودافعا للحركة الاقتصاديّة المحليّة، كما كانت مناسبة للتعرّف على دور البلديّة في تنمية هذا النوع من السياحة، فضلا عن استشراف آفاق السياحة البديلة كرافد للاقتصاد المحلّي.
واستعرض في مداخلته الافتتاحية لأعمال الندوة، الأصناف الثلاثة التي تشملها السياحة البديلة في تونس وهي السياحة البيئية والسياحة الثقافية والسياحة الاستشفائية.
وقدّم بن الشيخ لمحة عن عدد من المشاريع والمبادرات التي يتمّ تنفيذها لتنمية السياحة البديلة، ومن أبرزها مشروع “زر تونس” (Visit Tunisia) الذي ينجز بتمويل من الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدوليّة (USAID) على مدى السنوات الخمس (2022-2026)، ويهدف إلى تنمية السياحة المستدامة ودعم المشاريع السياحة الصغرى بالمناطق الداخليّة، ومشروع “تونس بلادنا” المموّل من الاتحاد الأوروبي على فترة خمس سنوات (2020-2024)، ويرمي إلى إيجاد تناغم بين السياحة والصناعات التقليديّة، من جهة، والتراث، من جهة ثانية، مع التشجيع على بعث المؤسسات السياحية بالمناطق ذات الأولويّة، ومشروع “وجهة الظاهر” للسياحة البديلة الممتدة عبر ولايات الجنوب الشرقي والتي تحصّلت أواخر 2021 على علامة المنظمة العالميّة للوجهة الخضراء.
وعن واقع السياحة البديلة، أشار مدير وحدة الدّراسات والبحوث بالمركز إلى أن تونس تحتل المرتبة الثانية عالميّا في مجال السياحة الاستشفائية، ملاحظا أنه في ما يتعلّق بباقي فروع السياحة البديلة فإنه رغم كثافة المواقع التاريخية والثقافية والبيئية التي تزخر بها بلادنا، إلا أنها لا تمثل سوى حيّزا محدودا من السوق السياحيّة مقارنة بما تستأثر به السياحة الشاطئية من حصّة تقدّر بحوالي 95% من إجمالي طاقة الاستيعاب.
وأوضح أن هذا الوضع يعود إلى جملة من الإشكاليّات التي تحدّ من ازدهار السياحة البديلة وتطورها، مستعرضا أبرزها على غرار وجود أهم المناطق التي تمثل وجهة للسياحة البديلة في أماكن منعزلة يصعب الوصول إليها بسبب غياب الطرق المؤدية إليها، وافتقار عديد المدن والمناطق الزاخرة بالمواقع الثقافية والتاريخية وبالمشاهد الطبيعية للبنية التحتيّة الداعمة للسياحة البديلة بما يجعلها غير مؤهلة للإدماج في منتوج سياحي متكامل، فضلا عن ضعف التسويق للسياحة البديلة وعدم التعريف الكافي بوجهاتها.
وفي هذا الإطار، أكّد السيّد رياض بن الشيخ على المسؤوليات الهامة التي تقع على عاتق البلديّات لتنمية اقتصادها المحلّي من منطلق ما أسندته لها مجلّة الجماعات المحليّة من صلاحيّات عديدة، ولدورها الحيوي في تدعيم السياحة عبر مختلف البرامج والتدخلات البيئيّة.
وتناولت المداخلات التي أثثتها ثلة من الجامعيين والباحثين والخبراء في مجال السياحة والسياحة البديلة، جملة من المسائل منها بالخصوص “السياحة البديلة: مفهومها، مقوّماتها ومعوقاتها”، و”تطوير الجاذبية السياحيّة للمدن من منظور السياحة البديلة”، إضافة إلى “آفاق تطوير السياحة البديلة”.
وتم التأكيد في هذه المداخلات على أن مفهوم “السياحة المستدامة” يمكن أن يعوّض “السياحة البديلة” باعتبارها مكمّلة للسياحة التقليدية الشاطئية التي تتميّز بها تونس، وأن “السياحة البديلة” مفهوم جديد يهدف إلى تنويع النشاط السياحي لبلادنا، الذي لا يزال يرتكز بالأساس على السياحة الشاطئية.
كما تمّ تلخيص أبرز الصعوبات التي تعرقل تنويع المنتوج السياحي في تونس في إبقاء الدولة على نفس سياسة التخطيط المعتمدة منذ السبعينات (Concept de zonage)، رغم ان السياق اختلف اليوم فأصبحت السياحة الترابيّة هي الرائجة في العالم، الأمر الذي يستدعي تغيير سياسة التخطيط وأمثلة التهيئة الترابيّة على مستوى البلديّات والولايات لتشمل المدينة أو الجهة بأكملها، باتجاه وضع مخططات لا مركزيّة من شأنها تعزيز إدراج السياحة البديلة فيها.
وتطرّق المتدخلون، أيضا، إلى إشكاليّة الحوكمة السياحيّة في ارتباطها بالمنظومات السياحية، وتم تقديم مشروع ناجح في مجال السياحة البديلة وهو “وجهة الظاهر”، بالإضافة إلى التأكيد على دور البلديّات في ما يخص تحسين مستوى البنية التحتية لفك العزلة عن بعض المناطق.
2022-03-03T10:44:07+01:00